من لا يحمل هم الوطن... فهو عبئئ على هذا الوطن
الثلاثاء، 3 نوفمبر 2015

فصل الصيف يملئ دير الغصون تبغاً


تقرير: جنان أبو زيتون



 سيجارة تلو الأخرى  تعبئها و تجلس حولها نساء الحي يشاركن بعضهن العمل، أم ساجد 41 عاماً من قرية دير الغصون شمال مدينة طولكرم تروي قصتها، حيث تتخذ زرع الدخان وتعبئته مصدر رزق في فصل الصيف وتعتبر أن هذا الفصل هو الفصل المناسب لزراعة الدخان، كونه يحتاج لكمية مياه اقل عن غيره من المحاصيل.
  وعن الربح الذي تحصل عليه قالت أم ساجد" تصل أرباحنا عند بيع التبغ بعد قطفه مباشرة لألف شيقل تقريباً لأرض تصل مساحتها نصف دونم، وكلما قمنا بعمل خطوة أخرى مثل التجفيف والفرم والتعبئة وغيرها تضاعفت الأرباح.
  وهو يشير لأرضه المزروعة بالتبغ يوضح أبو ساجد عملية زراعة بذور التبغ في المشاتل حيث يتم زرع بذور التبغ التي جمعت من العام الماضي، ولصغر حجم بذرة التبغ هناك طريقتان لزراعته، إما إحضار علب بلاستيكية وتعبئة العلب بالتراب، وبعدها وضع البذور في العلب ويتم ريها يوم بعد يوم، حتى تنمو أشتال التبغ ويمكن أن ينمو في العلبة الواحدة أكثر من شتلة فيتم نقل الشتلات الزائدة لعلب أخرى.
  أما الطريقة الثانية ألا وهي وجود مساحة صغيرة من التراب يتم تمشيطها بمشط الأرض ونثر البذور ثم تغطية البذور بالتراب بطريقة خفيفة حتى لا تنغمس البذور للداخل وتتأخر بالنمو، وبعدها يغطى بقطعة خيش أو شبك لمدة أسبوع، ويتم إزالة الشتلات وهي صغيرة وريها يوم بعد يوم، وتستغرق الشتلات من 20-25 يوم في المشاتل وبعدها تنقل للمزارع.
   وبين أبو ساجد طريقة زراعة الأشتال في المزراع حيث يتم تحديد مسافة 20 -30 سم بين شتلة وأخرى (ما يسمى بين التلم والتلم الآخر) حتى تدخل أشعة الشمس والأكسجين للأوراق لتصفر وتنضج، وينتهي نمو الورق عند ظهور الأزهار على رأس الشتلة.
  ويضيف أبو ساجد بعدها تبدأ عملية شك الدخان (إدخاله) في حبال أو أسلاك ووضعها في منطقة مشمسة وتغطيته بقطعة بلاستيك (نايلون)، حتى لا يصله الندى ويتغير لونه للأسود، بعدها يتم تجميع كل 14-15خصلة من الدخان المجفف مع بعضها وربطها لتعلق عكسياً لتتعرض للشمس ويستغرق ذلك 20 يوماً، وبعدها ينقل الدخان لأماكن تقطيعه وفرمه ثم للتعبئة والبيع.

  وفي الحديث عن مضار التبغ على الناس بين مدير صحة طولكرم الطبيب عبد الفتاح الدرك الكائن في دير الغصون إن العاملين في التبغ و بوجه خاص فئتي الأطفال والشباب معرضون للإصابة "بداء التبغ الأخضر" الذي يتسبب فيه النيكوتين الذي يمتصه الجسم عن طريق الجلد أثناء مناولة أوراق التبغ الرطب، فلذلك من المفترض أن يتم إجراء عمليات فحص عشوائية على مزارع التبغ في البلدة وزيادة وعي المزارعين حول الزراعة وحتى أماكن زراعة التبغ لكون التبغ أصبح يزرع بين البيوت.

  للتبغ آثار سلبية على صحة الإنسان ولان الإسلام اهتم بذلك كان  له وجهة نظره الخاصة عن زراعة الدخان والعمل به، فقد أوضح مفتي محافظة طولكرم الشيخ عمار بدوي ذلك قائلاً" لا تجوز زراعة الدخان، فهو نبتة خبيثة ضارة، قال تعالى (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)[سورة الأعراف:157]، كما أنّ الدخان يتنافى مع مقاصد الشريعة الكبرى في المحافظة على النفس، إذ ثبت بما لا شك فيه ضرره على صحة الإنسان، وجاءت الشريعة لتحافظ على سلامة الأبدان، قال تعالى (وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)[سورة النساء: 29]، والله أعلم".
 وعن الفتوى قال مسؤول العلاقات العامة في بلدية دير الغصون حازم عمر" إن الله لينزع بالسلطان ما لا ينزع بالقرآن، دائماً الدين له أثر كبير في نفوس الناس ولكن لا يكفي للإقلاع عن المنكر، وبالتالي لا أعتقد أن الدين وحده يكفي، خاصة في قضية مثل الدخان يعتبرها الناس خلافية وليس فيها أمر قاطع، فالبعض يحلل والبعض الآخر يحرم".
  أما جمعية المزارعين الفلسطينيين لمحافظة طولكرم فقد عبر رئيسها رأفت خندقجي عن رأيه قائلاً" إن الفتوى تزامنت مع توجهات الحكومة علماً بأن توجهات الحكومة تأتي في إطار زيادة مدخلات الضرائب من السجائر المستوردة أو المحلية، والضحية دائماً هو المواطن أو المستهلك ولم تفكر الحكومة لا بصحة الإنسان أو حماية الأراضي".
  أما بالنسبة لعدد الأراضي المزروعة في التبغ في دير الغصون ذكر حازم عمر أن هناك حوالي 100 دونم من مجموع ما يصل إلى 10000 دونم صالحة للزراعة في البلدة، وبين أن زراعة التبغ لم يكن لها أثر في رفع سعر الأراضي في البلدة وأن السبب الرئيسي يرجع إلى ازدياد مساحة العمران في مقابل تناقص الأراضي الزراعية بشكل عام، وخاصة في ظل محدودية الأراضي الهيكلية.
  ولكن حسب احصائيات جمعية المزارعين الفلسطينيين أشار رأفت خندقجي إلى أن المساحات المزروعة  بالتبغ مرشحة للزيادة حيث أن أصحاب الأراضي يستفيدون من ارتفاع أسعار الإجارة، فيكون الدونم الواحد الذي يزرع بالدخان من 200 إلى 300 دينار مقابل 50 دينار للدونم الذي يزرع خضروات أو أصناف أخرى.
   ويبين الخندقجي أن جشع أصحاب الأراضي وطمعهم في إجارة الأراضي للدخان هو سبب في إضعاف التربة وجعلها تضعف من حيث العناصر المغذية لها, وبالتالي إن مواجهة هذا الخطر يتطلب تضافر الجهود وتوحيد الطاقات من المؤسسة الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني ليس من أجل منع هذا النوع من الزراعات والتي يستفيد منها العديد من الأسر الزراعية وإنما الحد من توسع هذا النوع من الزراعات التي تضر بالأرض وبالإنسان.
  وأوعز الخندقجي اتجاه المزارعين نحو زراعة التبغ لعدة أسباب منها ارتفاع أسعار التبغ المستورد نتيجة الضرائب المفروضة عليهم بالإضافة إلى الخسائر التي تلحق بالمزارعين نتيجة الزراعات التقليدية التي يعتمد عليها المزارعين والتكلفة الباهظة من حيث العناية والمياه والأدوية اللازمة للحفاظ على المزروعات حيث أن تكرار نفس الزراعات أدت إلى ازدياد بعض الأمراض وازدياد المقاومة للأدوية المستعملة، عدا عن مشاكل التسويق التي تواجه المزارعين وخاصة في ما يتعلق بالخضروات إضافة  إلى أن زراعة التبغ لا تحتاج إلى عناية كثيرة، وأسعارها بازدياد، وتسويقها أسهل من المنتجات الأخرى.
  ونوه حازم عمر إلى عدم وجود جهة مختصة في الأراضي داخل البلدية على الرغم من أن البلدية من اختصاصها الإشراف على الأراضي داخل الخارطة الهيكلية، ولكن أوضح عمر أن هناك تعاون مع الزراعة في الشؤون العامة ورصد مشاكل المزارعين خاصة خلال الأضرار والكوارث.
 وسبب  ازدياد عدد العاملين في زراعة التبغ  في البلدة وخاصة النساء اللواتي يشاركن في قطفه وتعبئته علله عمر بأن هناك زيادة في عدد المزارعين للتبغ فقبل سنوات قليلة لم يكن يزرع في دير الغصون، وإن كان فهو لا يتعد عدد أصابع اليد، واليوم يعمل عدد لا بأس به خاصة في تعبئة الدخان وبدأت الأمور تزداد بالنسبة للزراعة، ويعتقد ذلك لازدياد نسبة البطالة بين الناس وضيق الحال، كما أنها وسيلة آمنة للحصول على دخل إضافي خاصة بالنسبة للنساء، حيث يمكن العائلة من العمل معاً وتحقيق دخل وهي في البيت دون أن تخرج من المنزل.
  وعن الإجراءات التي قامت بها جمعية المزارعين الفلسطينيين لتقليل الأعمال السلبية أثناء الزراعة قال رأفت خندقجي" توجهنا إلى المزارعين بالعمل على تغير النمط الزراعي والتوجه إلى زراعة أصناف جديدة قليلة الإنتاج في أسواقنا ويحتاج السوق المحلي إلى كميات إضافية من أجل سد الاحتياج ولكن التوجه إلى الأسواق الخارجية والتي بكثير من الأحيان تلقى الكثير من المشاكل في التصدير وبالتالي تصبح مكلفة أوغير مطابقة للمواصفات أو تأخير الإجراءات على المعابر والتي تؤدي إلى تلف المحاصيل".

  وأضاف"عملنا مع العديد من الجمعيات التعاونية في التوجه إلى اعتماد الزراعات الآمنة وإيجاد أسواق لهذا المنتج الخالي من الكيماويات واعتماد قاعدة بيانات ترصد أسعار المنتجات الزراعية من أصناف الخضار على مدار العام لإيجاد الخلل الذي يواجهه المزارع في تدني أسعار المنتجات في فترات من العام الزراعي".
اعلان 1
اعلان 2

0 التعليقات :

إرسال تعليق

عربي باي

تابعنا على فيس بوك

تابعنا على تويتر